الواقعية التجريدية في الفن.. بلغة وسمات خاصة
2007-09-19
إنه كتاب مهم عن الواقعية التجريدية في الفن التشكيلي،مؤلفته الدكتورة وسماء الآغا التي سبق أن أصدرت(التكوين،عناصره التشكيلية والجمالية في منمنمات الواسطي)عن دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد عام 2000 وعملت مصممة للديكور ورسامة في تلفزيون بغداد ،وحصلت على جوائز عديدة وشهادات تقديرية محلية وعالمية.. وعن كتابها هذا الذي صدر قبل أيام عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر يقول الدكتور ماهود أحمد في مقدمته( يطرح هذا الكتاب إنجازاً عبر تأسيس مصطلح نقدي يعبر عن موقف فكري ومعرفي يغني الأسس النقدية باعتماده مفهوماً خاصاً في قراءة النصوص الجمالية،إذ يرفع عنها الكثير من العقبات التي تعيق حرية التحليل،ويساهم في تطوير الدراسات الفنية وما تقدمه مناهج النقد وأنواعه من نظم في حدودها ومصطلحاتها).ويقول أيضاَ( مصطلح الواقعية التجريدية الذي يطرحه هذا الكتاب لأول مرة بلغة وسمات خاصة،يضيف لقراءة النص الفني جوانب معرفية مهمة واتجاهات لمسارات نقدية وفكرية غير مألوفة لم يتناولها أحد من النقاد). وما دام كذلك فهو مغامرة تقدم عليها المؤلفة،محفوفة بالجهد العميق والبحث المضني حتى تصل الى الغاية التي أريد منها تأليف هذا الكتاب.. إنه بحث طويل وشامل وموسع،بروح تحليلية متعمقة في الجمال الكامن وراء الألوان والابتكار الفني،تأخذنا المؤلفة فيه الى الجذور الأولى في الفن التشكيلي الذي هو خلاصة التجارب الإنسانية التي يخوضها الفنان وهو يتعامل مع الطبيعة.. تتبع مراحل تطوره في أوربا والعالم وتضيء الحاجات الجمالية التي تدفع باتجاه الإبداع،وتقدم لنا قراءة جدية وجدلية ذات أبعاد فكرية وفنية بعيدة عن الانتماء النظري والاتجاهات والأساليب المعروفة،كما تقدم لنا كشفاً دقيقاً عن الثراء الجمالي في تلك الأعمال التي أنجزها كبار فناني العالم. إن مصطلح(الواقعية التجريدية)كما جاء في الفصل الأول من الكتاب،يشكل نافذة ومفتاحاً للاهتداء،لفهم تاريخ الفن فهماً جديداً ومعاصراً،وكلما أوغلنا في تتبع خطوط الواقع والتجريد المشتركة في العمل الفني،توصلنا الى حقيقته دون قيود. يقع الكتاب ب 288 من الحجم الكبير.. واشتمل على ستة فصول، الفصل السادس تضمن تحليل اللوحات الفنية وفق معيار الواقعية التجريدية،وفهرست الأشكال،وملحقاً مصوراً لأبرز اللوحات العراقية والعالمية،والمصادر والمراجع التي اعتمدت عليها المؤلفة. حللت وسماء الآغا النصوص الفنية العراقية - في الباب الخامس - متتبعة تطور الفن التشكيلي العراقي منذ الأربعينات الى جانب الاهتمام بإضافة بعض العناصر الفنية من التراث العراقي القديم وكذلك من التراث الفني العربي،كإرث روحي وحضاري..وتناولت دلالات الألوان في اللوحة واهتمام العرب المسلمون بالألوان مستندة بذلك على عدد من الآيات القرآنية وما جاء في الإسراء والمعراج وأحاديث الرسول. وعرجت على أبرز الأسماء الفنية وأثرها في التشكيل العراقي،وكذلك التجمعات الفنية والأسماء التي ساهمت فيها،مثل(جماعة البدائيين)التي أسسها فائق حسن وجماعة(الوقت الضائع)التي شارك في تأسيسها عدد من الفنانين المعروفين،منهم،بلند الحيدري ونزار سليم وسلمان محمود وغيرهم،وجماعة(بغداد للفن الحديث)وكان من بين أبرز الأسماء فيها جواد سليم ولورنا سليم ومحمود صبري وجبرا ابراهيم جبرا وشاكر حسن آل سعيد،و(جماعة الانطباعيين التي تاسست بمبادرة من الفنان حافظ الدروبي والتي ضمت أيضاً سعد الطائي وضياء العزاوي وسعدي الكعبي وعلاء بشير ومنذر جميل حافظ ،وجماعة(المجددين)التي تأسست في الستينات وضمت نخبة من الشباب من خريجي أكاديمية الفنون الجميلة،و(جماعة البعد الواحد)التي استلهمت الحرف العربي كقيمة تشكيلية في الأعمال الفنية،ثم جماعة(الأكاديميين)و(الجماعة العددية). وأفردت المؤلفة مساحة للحديث عن الفنان نوري الراوي بما يمثله من ثقل في الفن التشكيلي العراقي قائلة فيه على الصفحة 187 (لا يمكن أن ننظر الى مدن الصمت الكثيرة التي رسمها الفنان نوري الراوي عبر مسيرته الفنية،على أنها محاكاة لمدينة طفولته(راوة) مع ما نشاهده فيها من مظاهر واضحة لأشكال واقعية،كالنواعير والقباب والأبواب والنوافذ،لكنها محاكاة من نوع آخر،فيها نزوع نحو تأمل بصري محض وحر،ينبئ عن قدرة حسية وجدانية ترتبط بالجوانب النفسية وذكريات الفنان،مما يعطي الأشكال قيمة تعبيرية وشاعرية تعمل على خلق صفات جديدة للطبيعة(المدينة)وإبداعها بحيث لا يمكن أن تكون إلا في الصورة وداخل إطارها). وكان للمؤلفة وقفة أيضاً مع الفنان علاء بشير،محللة لوحة(حامل الراية) التي تقول عنها (أعطتنا واقعاً مطلقاً بلا قيود،وأصبحت فيه الأشكال علامات حلّت محل صورها كما هي في تصوراتنا،غير أن سمتها الفوتوغرافية،بثقلها ونقائها،جعلت وجودها منفياً في الواقع،مع احتفاظها بعناصرها المميزة في التنظيم الشكلي،وقد تهيكل المضمون باقتضاب شديد،عبر تمثيل لوحدات صورية تكونت من امرأة وغراب وخلفية بأفق بعيد،مقطوع عمودياً وكأنه راية خلف رأس المرأة التي تناثر شعرها بصخب الى الخلف بفعل رياح عاصفة لا تتناسب مع الجو(الخلفية) الساكن تقريباً..وحافظت الأشكال على ثباتها ضمن الحيز الذي شغلته داخل الصورة،مع إحساس بالعمق التراكبي - وقوف الغراب على الوجه المائل نحو الخلف - وكذلك الإحساس بالمنظور الثلاثي الأبعاد مع المحافظة على النسب والحجوم).وطبعاً هناك الكثير مما قالته المؤلفة في هذه اللوحة خصوصاً فيما يتعلق بالرموز وإحالاتها،والألوان والزخارف والنسب بين الأشكال،والجوانب النفسية فيما وراء الصورة ،وحللت الكثير من اللوحات لفنانين آخرين لا يسعنا في هذه المساحة أن نتناولهم ، كما أن الكتاب زاخر بالعديد من النماذج التي قدمتها لنا وسماء الآغا برؤية جديدة مستندة الى كم كبير من المراجع لتغني تجربتها وتستنبط رؤيتها مما يعطي لكتابها زخماً ليكون حقاً مرجعاً مهماً في الفن التشكيلي العراقي والعالمي.
2007-09-19
إنه كتاب مهم عن الواقعية التجريدية في الفن التشكيلي،مؤلفته الدكتورة وسماء الآغا التي سبق أن أصدرت(التكوين،عناصره التشكيلية والجمالية في منمنمات الواسطي)عن دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد عام 2000 وعملت مصممة للديكور ورسامة في تلفزيون بغداد ،وحصلت على جوائز عديدة وشهادات تقديرية محلية وعالمية.. وعن كتابها هذا الذي صدر قبل أيام عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر يقول الدكتور ماهود أحمد في مقدمته( يطرح هذا الكتاب إنجازاً عبر تأسيس مصطلح نقدي يعبر عن موقف فكري ومعرفي يغني الأسس النقدية باعتماده مفهوماً خاصاً في قراءة النصوص الجمالية،إذ يرفع عنها الكثير من العقبات التي تعيق حرية التحليل،ويساهم في تطوير الدراسات الفنية وما تقدمه مناهج النقد وأنواعه من نظم في حدودها ومصطلحاتها).ويقول أيضاَ( مصطلح الواقعية التجريدية الذي يطرحه هذا الكتاب لأول مرة بلغة وسمات خاصة،يضيف لقراءة النص الفني جوانب معرفية مهمة واتجاهات لمسارات نقدية وفكرية غير مألوفة لم يتناولها أحد من النقاد). وما دام كذلك فهو مغامرة تقدم عليها المؤلفة،محفوفة بالجهد العميق والبحث المضني حتى تصل الى الغاية التي أريد منها تأليف هذا الكتاب.. إنه بحث طويل وشامل وموسع،بروح تحليلية متعمقة في الجمال الكامن وراء الألوان والابتكار الفني،تأخذنا المؤلفة فيه الى الجذور الأولى في الفن التشكيلي الذي هو خلاصة التجارب الإنسانية التي يخوضها الفنان وهو يتعامل مع الطبيعة.. تتبع مراحل تطوره في أوربا والعالم وتضيء الحاجات الجمالية التي تدفع باتجاه الإبداع،وتقدم لنا قراءة جدية وجدلية ذات أبعاد فكرية وفنية بعيدة عن الانتماء النظري والاتجاهات والأساليب المعروفة،كما تقدم لنا كشفاً دقيقاً عن الثراء الجمالي في تلك الأعمال التي أنجزها كبار فناني العالم. إن مصطلح(الواقعية التجريدية)كما جاء في الفصل الأول من الكتاب،يشكل نافذة ومفتاحاً للاهتداء،لفهم تاريخ الفن فهماً جديداً ومعاصراً،وكلما أوغلنا في تتبع خطوط الواقع والتجريد المشتركة في العمل الفني،توصلنا الى حقيقته دون قيود. يقع الكتاب ب 288 من الحجم الكبير.. واشتمل على ستة فصول، الفصل السادس تضمن تحليل اللوحات الفنية وفق معيار الواقعية التجريدية،وفهرست الأشكال،وملحقاً مصوراً لأبرز اللوحات العراقية والعالمية،والمصادر والمراجع التي اعتمدت عليها المؤلفة. حللت وسماء الآغا النصوص الفنية العراقية - في الباب الخامس - متتبعة تطور الفن التشكيلي العراقي منذ الأربعينات الى جانب الاهتمام بإضافة بعض العناصر الفنية من التراث العراقي القديم وكذلك من التراث الفني العربي،كإرث روحي وحضاري..وتناولت دلالات الألوان في اللوحة واهتمام العرب المسلمون بالألوان مستندة بذلك على عدد من الآيات القرآنية وما جاء في الإسراء والمعراج وأحاديث الرسول. وعرجت على أبرز الأسماء الفنية وأثرها في التشكيل العراقي،وكذلك التجمعات الفنية والأسماء التي ساهمت فيها،مثل(جماعة البدائيين)التي أسسها فائق حسن وجماعة(الوقت الضائع)التي شارك في تأسيسها عدد من الفنانين المعروفين،منهم،بلند الحيدري ونزار سليم وسلمان محمود وغيرهم،وجماعة(بغداد للفن الحديث)وكان من بين أبرز الأسماء فيها جواد سليم ولورنا سليم ومحمود صبري وجبرا ابراهيم جبرا وشاكر حسن آل سعيد،و(جماعة الانطباعيين التي تاسست بمبادرة من الفنان حافظ الدروبي والتي ضمت أيضاً سعد الطائي وضياء العزاوي وسعدي الكعبي وعلاء بشير ومنذر جميل حافظ ،وجماعة(المجددين)التي تأسست في الستينات وضمت نخبة من الشباب من خريجي أكاديمية الفنون الجميلة،و(جماعة البعد الواحد)التي استلهمت الحرف العربي كقيمة تشكيلية في الأعمال الفنية،ثم جماعة(الأكاديميين)و(الجماعة العددية). وأفردت المؤلفة مساحة للحديث عن الفنان نوري الراوي بما يمثله من ثقل في الفن التشكيلي العراقي قائلة فيه على الصفحة 187 (لا يمكن أن ننظر الى مدن الصمت الكثيرة التي رسمها الفنان نوري الراوي عبر مسيرته الفنية،على أنها محاكاة لمدينة طفولته(راوة) مع ما نشاهده فيها من مظاهر واضحة لأشكال واقعية،كالنواعير والقباب والأبواب والنوافذ،لكنها محاكاة من نوع آخر،فيها نزوع نحو تأمل بصري محض وحر،ينبئ عن قدرة حسية وجدانية ترتبط بالجوانب النفسية وذكريات الفنان،مما يعطي الأشكال قيمة تعبيرية وشاعرية تعمل على خلق صفات جديدة للطبيعة(المدينة)وإبداعها بحيث لا يمكن أن تكون إلا في الصورة وداخل إطارها). وكان للمؤلفة وقفة أيضاً مع الفنان علاء بشير،محللة لوحة(حامل الراية) التي تقول عنها (أعطتنا واقعاً مطلقاً بلا قيود،وأصبحت فيه الأشكال علامات حلّت محل صورها كما هي في تصوراتنا،غير أن سمتها الفوتوغرافية،بثقلها ونقائها،جعلت وجودها منفياً في الواقع،مع احتفاظها بعناصرها المميزة في التنظيم الشكلي،وقد تهيكل المضمون باقتضاب شديد،عبر تمثيل لوحدات صورية تكونت من امرأة وغراب وخلفية بأفق بعيد،مقطوع عمودياً وكأنه راية خلف رأس المرأة التي تناثر شعرها بصخب الى الخلف بفعل رياح عاصفة لا تتناسب مع الجو(الخلفية) الساكن تقريباً..وحافظت الأشكال على ثباتها ضمن الحيز الذي شغلته داخل الصورة،مع إحساس بالعمق التراكبي - وقوف الغراب على الوجه المائل نحو الخلف - وكذلك الإحساس بالمنظور الثلاثي الأبعاد مع المحافظة على النسب والحجوم).وطبعاً هناك الكثير مما قالته المؤلفة في هذه اللوحة خصوصاً فيما يتعلق بالرموز وإحالاتها،والألوان والزخارف والنسب بين الأشكال،والجوانب النفسية فيما وراء الصورة ،وحللت الكثير من اللوحات لفنانين آخرين لا يسعنا في هذه المساحة أن نتناولهم ، كما أن الكتاب زاخر بالعديد من النماذج التي قدمتها لنا وسماء الآغا برؤية جديدة مستندة الى كم كبير من المراجع لتغني تجربتها وتستنبط رؤيتها مما يعطي لكتابها زخماً ليكون حقاً مرجعاً مهماً في الفن التشكيلي العراقي والعالمي.
هدية حسين